قبيل وصوله للمشاركة في الدورة العادية للقمة العربية ــــ في أول استضافة لها في موريتانيا ــــ تبلّغ رئيس الحكومة تمام سلام من سفير لبنان في الجزائر غسان المعلم، أن لا موقف رسمياً موريتانياً حيال ما شاع أخيراً عن أسباب مبيت الوفد الرسمي اللبناني في الدار البيضاء في المغرب، والاكتفاء بالمشاركة في أعمال قمة ــــ حملت شعار «قمة الأمل» ــــ بضع ساعات لدوافع بيئية وصحية تتصل بانتشار قوارض في فنادق نواكشوط.

لم تبدُ أي مظاهر استياء أو انتقاص من أصول الاستقبال البروتوكولي لسلام في مطار العاصمة، وبدت الترتيبات مطابقة للمتفق عليه. كذلك في طريقه الطويلة من المطار إلى قصر المؤتمرات، ثم إلى خيم البلاستيك العملاقة المنصوبة، سواء لاستقبال الزعماء العرب أو في المركز الإعلامي، لم توحِ الترتيبات الأمنية المشددة بأي إجراء استثنائي حيال الوفد اللبناني الرسمي (رافق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس سلام) أو الوفد الإعلامي.


مع ذلك، خلافاً لما انفجرت به مواقع تواصل اجتماعي موريتانية، إلى أخرى عربية خليجية، منتقدة لبنان على ما نسب إلى مسؤوليه عن مبررات عدم مبيت رئيس الحكومة في نواكشوط، لم يرد في صحف البلاد إلى هذا الشق، وبدت أكثر اهتماماً بإيراد أخبار انعقاد القمة واستقبال الرئيس محمد ولد عبد العزيز نظراءه على قلتهم، ناهيك بتكلمها عن اجتماع وزراء الخارجية ومسودة البيان الختامي تحت عنوان «إعلان نواكشوط» وبنوده التي تناولت القضية الفلسطينية والصراع العربي ــــ الإسرائيلي والحرب السورية والإرهاب وإحداث العراق واليمن وليبيا والسودان واللاجئين والتنمية، إلى تعزيز الجامعة العربية، وهي حال وسائل إعلام مكتوبة كـ»الشعب» وHORIZONS الناطقة بالفرنسية، أضف مواقع إلكترونية محلية كـ»الأخبار» و»صحرا ميديا» و»الوكالة الموريتانية للأنباء»، من دون أن تخفي اهتمامها بذرائع شتى تحجج بها زعماء عرب للتغيب عن «قمة نواكشوط»، وبينهم بحسب الصحف والمواقع الإلكترونية من يقيم في منتجعات طنجة ومراكش في المغرب. بيد أن مواقع إلكترونية محلية أخرى كـ»موريتانيا الأعماق» أسرفت في تناقل تقارير صحافية ومقالات في مواقع إلكترونية عربية سعودية وأردنية تطرقت إلى امتناع الوفد اللبناني عن المبيت في فنادق نواكشوط، من دون إبداء تعليقات مباشرة، مع الإيحاء بأن فنادق العاصمة وفرت شروط الإقامة وجاهزة لاستقبال الوفود العربية. كذلك فعل موقع إلكتروني موريتاني آخر هو «حرية نت» الذي شمل بانتقاده، إلى الوفد اللبناني، سفير فلسطين في القاهرة جمال الشوبكي الذي أبدى امتعاضاً من ظروف إقامته في أحد فنادق العاصمة حمله على الذهاب إلى مبنى السفارة.
وبعد افتتاح القمة، في الجلسة العلنية الثانية، اعتبر سلام في كلمته أن «قمتنا تنعقد وسط أزمات وحروب تعصفُ ببلدان عربية عدة، ولعل أخطرها المأساة السورية التي لفَحَت لبنان بنارها، وألقت عليه أعباءً هائلة. فهناك ما يقارب مليوناً ونصف مليون نازح سوري في بلد ذي إمكانات محدودة، ترفده مساعدات دولية ما زالت قاصرة عن تلبية حاجاتِ النازحين والمجتمع المُضيف». واقترح «تشكيل هيئة عربية تعمل على بلورة فكرة إنشاء مناطق إقامة للنازحين داخل الأراضي السورية». كذلك دعا إلى «إنشاء صندوقٍ عربي لتعزيز قدرة المضيفين على الصمود، وتحسين شروطِ إقامة النازحين المؤقتة»، مشدداً على «الطابعِ المؤقت للوجود السوري (...) لبنان ليس بلد لجوء دائم، وليس وطناً نهائياً إلا لأهله». ومن جهة أخرى، أكد سلام «تضامننا مع أشقائنا العرب في كل قضاياهم المحقّة. ولسنا محايدينَ في كل ما يَمَس الأمن القومي لأشقائنا، وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، ونرفضُ أيَّ تدخّلٍ في شؤون البلدان العربية ومحاولةَ فرض وقائعَ سياسيّة فيها، تحت أي عنوان».